استهل محمد صلاح الموسم الجديد مع ليفربول بشكل لا مثيل له، وبنهاية 2024 كان المهاجم المصري الأكثر تأثيراً بين كل لاعبي بطولات الدوري الخمس الكبرى في أوروبا.

وتفوق صلاح على الجميع من حيث عدد الأهداف التي ساهم فيها بمجموع 52 هدفاً، إذ سجل 29 هدفاً وصنع 23 هدفاً في جميع المسابقات.

ويتطلع صلاح لبدء العام الجديد بأسلوب رائع، وهذه المرة ضد منافسه المفضل مانشستر يونايتد في قمة الجولة 20 في الدوري الإنجليزي.

ويحلل أدريان كلارك في موقع الدوري الإنجليزي أسباب تألق صلاح تحت قيادة المدرب الهولندي أرني سلوت.

ما أسباب انتفاضة محمد صلاح مع سلوت؟

جدد وصول سلوت رغبة صلاح في التألق مع الهولندي الذي انتقد كثيرون تعيينه مدرباً للريدز.

ويسير صلاح بخطى واثقة نحو الفوز بلقب هداف الدوري، والأكثر صناعة للأهداف أيضاً هذا الموسم، حيث سجل 17 هدفاً وقدم 13 تمريرة حاسمة حتى الآن، ويتطلع إلى أن يصبح أول لاعب يتصدر التصنيفين في موسمين منفصلين، بعد أن فعل ذلك سابقاً في موسم 2021-2022.

ويبدو أن تغيير سلوت خطة اللعب من 4-3-3 تحت قيادة يورغن كلوب إلى 4-2-3-1، كان أحد العوامل وراء تحسن أداء صلاح.

وساعد وجود مهاجم إضافي داخل نصف ملعب المنافس في تخفيف العبء على صلاح عند استحواذه على الكرة، مما سمح له بالحفاظ على طاقته من أجل انطلاقاته السريعة خلف دفاع المنافسين.

وساهم وجود رقم 10 كعامل تشتيت إضافي لمدافعي المنافسين، ومع الاعتماد على “مهاجم وهمي”، أصبح ليفربول أكثر سلاسة داخل الثلث الأخير.

أداء مذهل 

يحتفل المهاجم المصري بعيد ميلاده الـ33 في يونيو المقبل، لكنه في طريقه لتحقيق أفضل نسبة مساهمة تهديفة مقابل دقائق اللعب في تاريخ الدوري الممتاز.

ويبلغ متوسط ​​صلاح هدفاً أو تمريرة حاسمة كل 52.7 دقيقة، وهو الأسرع في الوصول إلى 30 مساهمة (17 هدفاً و13 تمريرة حاسمة) في موسم واحد، وتفوق بفارق مباراة واحدة عما حققه لويس سواريز مع ليفربول خلال موسم 2013-2014.

ومن حيث الفعالية، يقدم صلاح أرقامه الأفضل على الإطلاق. واستغل النجم المصري 28.91% من الفرص التي اتيحت له، وهز الشباك بنسبة 64.41%.

ووضح تحسن صلاح الهائل عن الموسم الماضي، والموسم الوحيد الذي يمكن المقارنة بينه وبين ما يقدمه حالياً، هو موسمه الأول 2017-2018 عندما سجل 32 هدفاً في الدوري.

وتتجاوز نسبة صناعة صلاح للأهداف في الموسم الحالي أي شيء قدمه في المواسم السابقة.

فقائد المنتخب المصري يصنع هدفاً كل 122 دقيقة، وهو ما يتجاوز بسهولة 212.4 دقيقة لكل تمريرة حاسمة في موسم 2021-2022 وهو الأفضل له في موسم كامل من حيث صناعة الأهداف.

ونضج صلاح كلاعب، وأصبح يختار الخيار الصحيح باستمرار، وهو ما ينعكس في الفرص الجيدة التي يصنعها الآن مقارنة بما كان يفعله عندما كان في العشرينيات من العمر.

كيف فعل ذلك؟

من منظور تكتيكي، فإن وجود دومينيك سوبوسلاي أو كيرتس جونز كلاعب وسط مهاجم خلف المهاجم، جعل مهمة منافسي ليفربول في إيقاف صلاح أكثر صعوبة.

وكان أول مثال على ذلك هدف ليفربول الأول ضد إيبسويتش تاون، عندما ذهب لاعب وسط دفاع إيبسويتش لمراقبة سوبوسلاي، مما ترك مساحة للركض لصلاح قبل أن يمرر الكرة إلى ديوغو جوتا ليسجل.

وفي الآونة الأخيرة كان هناك مثال مُشابه في هدف سوبوسلاي في مرمى توتنهام هوتسبير.

ولعب سوبوسلاي الكرة بضربة رأس في مساحة خالية إلى صلاح الذي حصل على الوقت الكافي لمواجهة الدفاع والتمرير إلى زميله المجري ليهز الشباك. وانتصر ليفربول 6-3 في تلك المباراة.

وفي خطة 4-3-3 التي اعتمدها كلوب، كان من الصعب على ليفربول أن يصنع مثل هذه المواقف.

وتكرر الأمر في الفوز (5-0) على وست هام يونايتد الأسبوع الحالي. تسبب وجود جونز، الذي شارك بالمركز الذي يشغله سوبوسلاي عادة، في تشتيت انتباه لاعب الوسط المدافع لوست هام.

وأرسل أليكسيس ماك أليستر تمريرة إلى صلاح خلف دفاع وست هام، لكنه تركها لزميله لويس دياز بسبب وجوده في موقف تسلل.

وانطلق اللاعب المصري إلى داخل منطقة الجزاء، ليتلقى تمريرة دياز قبل أن يهيأ الكرة لزميله كودي غاكبو ليهز الشباك.

ويعتمد ليفربول على ملء منطقة الخصم بمزيد من اللاعبين المنطلقين من الخلف تحت قيادة سلوت.

هناك دائماً عدد كبير من لاعبي ليفربول داخل منطقة الجزاء، ومع وجود لاعب رقم 10 أقرب إلى المهاجمين، وأحد لاعبي الوسط الآخرين المسموح لهم بالاندفاع إلى منطقة الجزاء، تحدث الزيادة العددية الدائمة.

وكان هذا واضحاً في هدف غاكبو أمام فولهام، فقد انطلق الجناح الهولندي إلى داخل منطقة الجزاء ليساهم في زيادة عددية للاعبي ليفربول. وأرسل صلاح تمريرة عرضية متقنة حولها غاكبو داخل المرمى.

واستفاد صلاح أيضاً من الزيادة العددية في التعادل 3-3 مع نيوكاسل يونايتد في سانت جيمس بارك، حيث اندفع إلى منطقة الجزاء لتشكيل 3 ضد 2، ليهز الشباك من تمريرة عرضية من ترينت ألكسندر أرنولد.

ويستهدف ليفربول مثل هذه اللحظات بشكل مثالي تحت قيادة سلوت، إذ يجد مدافعو الفرق الأخرى أنفسهم أمام عدد كبير من لاعبي الريدز.

وتحت قيادة سلوت، أصبح صلاح يبقى بشكل أكبر في طرف الناحية اليمنى من هجوم ليفربول، ويجد مساحة أكبر مستفيداً من وجود لاعب آخر إضافي في الهجوم،

هل يساعد هذا في عزل صلاح عن الرقابة بشكل أكبر؟ نعم، هذا صحيح.

ومن دواعي سرور اللاعب المصري أن ليفربول بقيادة سلوت على استعداد لتمرير كرات طويلة خلف الظهير الأيسر للمنافس، ليركض صلاح إليها.

ومن هذه التمريرات، أحرز صلاح 4 أهداف، كما صنع 4 أهداف أيضاً.

وأجبرت تمريرة رايان غرافنبيرخ حارس مرمى ساوثهامبتون أليكس مكارثي على ارتكاب خطأ فادح، حيث ركض صلاح ليسجل في المرمى الخالي.

وإذا قرر المنافسون الاعتماد على خط دفاع متقدم مع ضغط محدود، فهذا يعني المزيد من المشاكل أمام ليفربول وخاصة صلاح الذي يعشق الانطلاقات السريعة.

ويسمح أسلوب ليفربول على الانتشار ووجود صلاح في طرف الملعب، وفي الوقت نفسه يساعده على الوصول إلى الكرة بشكل متكرر داخل منطقة جزاء المنافس.

الضحية المفضلة

سجل صلاح هدفاً وصنع هدفين في انتصار ليفربول (3-0) على مانشستر يونايتد في أولد ترافورد في وقت سابق من هذا الموسم، وسيكون مرشحاً لزيادة غلته أمام ضحيته المفضلة يوم الأحد المقبل.

وأحرز صلاح 12 هدفاً، وصنع 6 أهداف في مواجهاته السابقة ضد يونايتد في الدوري، وهو العدد الأكبر له من حيث التسجيل أو الصناعة ضد أي فريق آخر في الدوري.

وبالنظر إلى مستوى كل منهما في الآونة الأخيرة، ستكون مفاجأة كبيرة إذا لم يكرر ليفربول وصلاح ذلك أمام فريق المدرب روبين أموريم المتعثر.